أكثر الدول هشاشة في العالم

أكثر 10 دول هشّة في العالم

تُعد هشاشة الدول من المؤشرات الحيوية التي تقيس مدى قدرة الدول على الصمود أمام الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية. ويُقصد بمصطلح “الدولة الهشة” الدولة التي تعاني من ضعف شديد في مؤسساتها، وتعجز عن تقديم الخدمات الأساسية لمواطنيها، أو التي تفتقر إلى الاستقرار السياسي، أو التي تعاني من صراعات داخلية مسلحة أو توترات طائفية وعرقية متكررة. هذا المفهوم يُقاس سنوياً من خلال “مؤشر الدول الهشة” (Fragile States Index) الذي يصدر عن صندوق السلام (Fund for Peace) بالتعاون مع مجلة السياسة الخارجية الأميركية، ويرصد المؤشر 178 دولة من حيث مدى استقرارها أو هشاشتها.

يعتمد هذا المؤشر على مجموعة من المعايير السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي تعكس مدى تماسك الدولة أو هشاشتها، ويمنح كل دولة درجة من 0 إلى 120، حيث تشير الدرجة الأعلى إلى هشاشة أكبر، والدرجة الأدنى إلى صلابة واستقرار.

فيما يلي عرض مفصّل لأكثر عشر دول هشّة في العالم، بحسب أحدث تصنيفات المؤشر:

1. الصومال

تُعد الصومال الدولة الأكثر هشاشة في العالم، وهي تتصدر المؤشر منذ أكثر من عقد. تعاني الصومال من انقسام سياسي حاد، وغياب حكومة مركزية قوية، وانتشار الميليشيات المسلحة، ووجود جماعات إرهابية مثل حركة الشباب. كما يعاني البلد من كوارث بيئية متكررة كالجفاف والفيضانات، التي تساهم في تفاقم المجاعة والفقر والنزوح الداخلي.

عوامل الهشاشة:

• صراع مسلح طويل الأمد

• ضعف البنية التحتية

• تفكك السلطة المركزية

• التدخلات الأجنبية

2. جنوب السودان

منذ انفصاله عن السودان في عام 2011، دخل جنوب السودان في دوامة من الحروب الأهلية والانقسامات العرقية والقبلية. فشلت محاولات السلام المتعددة في إرساء الاستقرار، وواجهت الدولة تحديات هائلة في بناء مؤسساتها الوطنية، كما تفاقمت الأزمة الإنسانية بسبب النزوح والجوع وانعدام الرعاية الصحية.

أسباب الهشاشة:

• حروب أهلية داخلية

• تفتت اجتماعي على أساس عرقي

• انعدام الأمن الغذائي

• ضعف سلطة الدولة

3. اليمن

منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2014، أصبحت البلاد ساحة صراع إقليمي ودولي، وتحولت إلى واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم. تعاني اليمن من انهيار شبه كامل لمؤسسات الدولة، وتفشي الأوبئة، وانتشار المجاعة، ودمار البنية التحتية.

مظاهر الهشاشة:

• حرب مستمرة بين أطراف محلية وإقليمية

• تدهور اقتصادي مريع

• انهيار الخدمات الصحية والتعليمية

• تعدد السلطات والجهات المسلحة

4. سوريا

أدت الحرب الأهلية في سوريا منذ 2011 إلى دمار واسع النطاق في البنية التحتية، ومقتل مئات الآلاف، ونزوح الملايين داخلياً وخارجياً. الدولة تعاني من انقسام سياسي وأمني، وتدخلات خارجية متعددة، ووجود جماعات مسلحة متطرفة.

مؤشرات الهشاشة:

• حرب أهلية دامية

• تدخلات خارجية معقدة (إيران، روسيا، تركيا، أمريكا)

• تفكك الدولة جغرافياً

• أزمة إنسانية هائلة

5. تشاد

تعيش تشاد في حالة هشاشة مزمنة ناتجة عن الفقر المدقع، والصراعات المسلحة، والتدخلات العسكرية الإقليمية. بالرغم من وجود حكومة، إلا أن مؤسساتها ضعيفة وتعاني من الفساد، كما أن النزاعات القبلية والتمردات المسلحة تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار المستمر.

أسباب الهشاشة:

• صراعات داخلية ومسلحة

• تدني مؤشر التنمية البشرية

• سيطرة النخب العسكرية

• تهديدات إرهابية من جماعات مثل بوكو حرام

6. جمهورية إفريقيا الوسطى

تُعد من أكثر الدول هشاشة في إفريقيا، حيث تعاني من حروب أهلية منذ عقود، وتفتقر إلى الاستقرار السياسي والأمني. تسيطر الميليشيات المسلحة على مساحات شاسعة من البلاد، وتُتهم الحكومة بالعجز عن السيطرة على الوضع الداخلي.

مظاهر الهشاشة:

• غياب سيطرة الدولة خارج العاصمة

• تدهور مؤسسات العدالة والأمن

• العنف الطائفي بين المسلمين والمسيحيين

• ضعف الخدمات العامة

7. جمهورية الكونغو الديمقراطية

رغم الثروات الطبيعية الهائلة، تعاني الكونغو من نزاعات مسلحة مستمرة، خصوصاً في المناطق الشرقية. الصراعات بين الجماعات المسلحة، وانتشار الفساد، وانهيار المؤسسات، كلها عوامل ساهمت في تصنيف البلاد ضمن أكثر الدول هشاشة.

أسباب الهشاشة:

• حروب مستمرة منذ التسعينيات

• انتشار الجماعات المسلحة

• استغلال غير قانوني للموارد

• ضعف الحكم المحلي والمركزي

8. السودان

يعيش السودان منذ سنوات في حالة من عدم الاستقرار السياسي، وتفاقم الوضع بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالبشير في 2019. فشلت الانتقالات السياسية في الوصول إلى دولة مستقرة، واندلعت نزاعات جديدة بين الجيش وقوات الدعم السريع في 2023، مما زاد من هشاشة الدولة.

عوامل الهشاشة:

• انقلاب عسكري وانقسام السلطة

• انهيار اقتصادي حاد

• صراعات عرقية وجغرافية مزمنة

• نزوح داخلي ومجاعة

9. أفغانستان

بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة في عام 2021، ازدادت هشاشة الدولة بشكل كبير، رغم انتهاء الوجود الأمريكي العسكري. تعاني البلاد من عزلة دولية، وانهيار اقتصادي، وحرمان واسع للحقوق، خصوصاً حقوق المرأة، إضافة إلى تهديدات أمنية من جماعات كتنظيم “داعش-خراسان”.

مظاهر الهشاشة:

• غياب الشرعية الدولية للنظام

• انهيار الاقتصاد والمصارف

• انتهاكات حقوق الإنسان

• عودة التوترات الطائفية والعرقية

10. هايتي

هي الدولة الأكثر هشاشة في نصف الكرة الغربي، وتعيش منذ سنوات في حالة من الفوضى، خاصة بعد اغتيال رئيسها جوفينيل مويس عام 2021. تعاني البلاد من انهيار شبه تام في مؤسساتها، وانتشار العصابات المسلحة، وانعدام الأمن، فضلاً عن الكوارث الطبيعية المتكررة.

أسباب الهشاشة:

• اغتيالات سياسية وفوضى أمنية

• سيطرة العصابات على الأحياء

• دمار البنية التحتية بسبب الزلازل والأعاصير

• ضعف الحكم وانعدام الثقة بالمؤسسات

الجدول التالي يوضح مقارنة بين أبرز المؤشرات لكل دولة من الدول العشر الأكثر هشاشة:

التحليل العام لهشاشة الدول:

يمكن تصنيف أسباب هشاشة الدول في عدة محاور رئيسية:

1. ضعف الحكم: ضعف المؤسسات السياسية والعدالة والقانون يمثل العامل الجوهري في هشاشة معظم هذه الدول، حيث تغيب الدولة المركزية وتتفكك المؤسسات أمام الجماعات المسلحة أو التدخلات الخارجية.

2. النزاعات المسلحة: معظم الدول الهشة تعاني من حروب أهلية أو نزاعات داخلية مزمنة، تغذيها أحياناً أطراف إقليمية ودولية.

3. الفساد وسوء الإدارة: تعاني هذه الدول من معدلات مرتفعة من الفساد وانعدام الشفافية، مما يقوض ثقة المواطنين في الدولة ويعطل التنمية.

4. الفقر وانعدام التنمية: يوجد ارتباط وثيق بين الفقر والهشاشة، حيث تؤدي الأوضاع الاقتصادية المتدهورة إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية والسياسية.

5. الكوارث البيئية: كما في حالة الصومال وهايتي، تلعب الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والزلازل دوراً كبيراً في تفاقم الهشاشة، خصوصاً عندما تكون الدولة عاجزة عن الاستجابة السريعة.

الخاتمة:

تمثل الدول الهشة تحدياً كبيراً للمجتمع الدولي، نظراً لانعكاسات أزماتها على الأمن الإقليمي والعالمي، من خلال الهجرة القسرية، وانتشار الإرهاب، وتهريب الأسلحة والمخدرات، والأوبئة العابرة للحدود. ورغم الجهود الدولية من قبل الأمم المتحدة والمؤسسات الإغاثية، إلا أن معالجة هشاشة الدول تتطلب حلولاً شاملة تدمج بين الإصلاح السياسي، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، وبناء مؤسسات الدولة على أسس الكفاءة والنزاهة.

المصادر:

• Fund for Peace, Fragile States Index 2024

• World Bank, “Fragility and Conflict Overview”